ثار فلاح على صديقه ، وقذفه بكلمة جارحة ، وما إن عاد إلى منزله ، وهدأت أعصابه ، حتى بدأ يفكر باتزان : " كيف خرجت هذه الكلمة من فمي ؟! سأقوم وأعتذر لصديقي" ، هكذا قال الفلاح.
بالفعل عاد إلى صديقه ، وفي خجل شديد ، قال له : " أنا آسف ، فقد خرجت هذه الكلمة عفوا مني ، سامحني" ، وقبل صديقه اعتذاره.
لكن عاد الفلاح ونفسُه مضطربة ، حزينة ، كيف خرجت منه مثل هذه الكلمة من فمه ، لم يسترح قلبه لما فعله ، فالتقى بكبير القرية ، واعترف بما ارتكب ، قائلا له: " أريد أن تستريح نفسي ، فإني غير مصدق أن هذه الكلمة خرجت من فمي " ، قال له الرجل الكبير : " إن أردت أن تستريح ، املأ جعبتك بريش الطيور ، واعبر على كل بيوت القرية، وضع ريشة أمام كل منزل ".
في طاعة كاملة ، نفذ الفلاح ما قيل له ، ثم عاد إلى شيخه متهللاً ، فقد أطاع ، قال له الرجل الكبير : " الآن إذهب واجمع الريش من أمام الأبواب ".
عاد الفلاح ليجمع الريش ، فوجد الرياح قد حملت الريش ، ولم يجد إلا القليل جدا أمام الأبواب ، فعاد حزينا .
عندئذ ، قال له الرجل الكبير : " كل كلمة تنطق بها أشبه بريشه تضعها أمام بيت أخيك ، ما أسهل أن تفعل هذا؟! لكن ما أصعب أن ترد الكلمات إلى فمك ! إذن عليك أن تجمع ريش الطيور أو أن تمسك لسانك ".