نظام جاليليو
جاليليو هو النظام الأوروبي المدني للأقمار الصناعية للملاحة (تحديد المواقع) العالمية. وبمعني آخر هو المنافس الأوروبي لنظام الجي بي إس الأمريكي. يهدف نظام جاليليو إلي تقديم خدمة عالمية دقيقة وذات غطاء عالمي وتحت السيطرة المدنية (عكس الجي بي إس الذي تديره وزارة الدفاع الأمريكية). ومن المتوقع أن يشكل نظام جاليليو مع نظام الجي بي إس الأمريكي و المنافس الروسي جلوناس منظومة عالمية متكاملة لتحديد المواقع أو ما يطلق عليه Global Navigation Satellite Systems أو اختصارا GNSS.
تقوم وكالة الفضاء الأوربية European Space Agency (ESA) بتطوير و تشغيل و صيانة نظام جاليليو. وتتوقع الوكالة أن يستعمل نظام جاليليو حوالي 1.8 مليون مستخدم بحلول عام 2010 و حوالي 3.6 مليون مستخدم في عام 2020 وسيكون العائد الاقتصادي للنظام في حدود 74 مليون يورو حتي عام 2020.
أوربا تقول إن نظامها سوف تصل دقته إلى تحديد مكان هدف بنسبة خطأ أقل من متر أو ياردة على وجه التحديد، بينما الأمريكي تتدنى دقته إذا ما استخدم لأغراض مدنية بنسبة خطأ تتراوح بين 25 إلى 35 مترا!
سيتكون نظام جاليليو من 30 قمر صناعي (27 قمر عامل + 3 أقمار احتياطية) موزعين في ثلاثة مدارات علي ارتفاع 23616 كيلومتر من سطح الأرض. وسيكون هناك مركزين أرضيين للمراقبة و التحكم في الأقمار الصناعية. ستقوم الأقمار الصناعية في نظام جاليليو ببث 10 إشارات: 6 مخصصة للخدمة العامة و خدمة البحث و الاتقاد ، 2 للخدمة التجارية ، 2 لخدمة المرافق العامة. وستكون الإشارات في نطاقين من الترددات: 1164-1215 ميجاهرتز ، 1559-1591 ميجاهرتز.
تم إطلاق أول قمر صناعي في منظومة جاليليو في عام 2004 واستمر إطلاق أقمار تجريبية طوال عامي 2005 و 2006 لوضع اللمسات النهائية علي النظام و مواصفاته و التأكد من تشغيله بجودة عالية.
توجد عدة خدمات (أو أنظمة) لاستخدام جاليليو:
1- الخدمة المفتوحة Open Service (OS) وهي الخدمة المجانية المتاحة لجميع المستخدمين في العالم والتي من المتوقع أن تكون دقتها في حدود 4 متر أفقيا و 8 متر رأسيا للأجهزة ثنائية التردد.
2- خدمة سلامة الأرواح Safety of Live Service (SoL) وتتميز عن الخدمة المفتوحة بإرسال رسائل وقتية (إنذارات) للمستخدم في حالة حدوث أي مشاكل في النظام لا تسمح بضمان دقة الإحداثيات المحسوبة,
3- الخدمة التجارية Commercial Service (CR) وهي خدمة تجارية باشتراك ودقتها أحسن من دقة الخدمة المفتوحة.
4- خدمة المرافق العامة Public Regulated Service (PRS) وهي خدمة خاصة للمرافق العامة مثل الشرطة والإسعاف والمطافي وخاصة في أوقات الطوارئ أو الحروب حيث من الممكن أن تتأثر الخدمة العامة.
5- خدمة البحث و الإنقاذ Search and Rescue Service (S&R) وهي خاصة ستضاف للنظم العالمية الموجودة حاليا لتحسن من دقتها في أعمال الإغاثة والإنقاذ.
من المتوقع أن يحدث نظام جاليليو عند اكتماله (وخاصة عند استخدامه مع نظام الجي بي إس) ثورة تقنية هائلة في عدد من المجالات الهندسية و الجغرافية و التنموية التي تعتمد علي تحديد المواقع.
القرار.. التمويل.. الجدول الزمني
وهنا جاء القرار: لا بد من نظام أوربي مستقل؛ يقولون إنه مدني، لا سيما أن الاتحاد الأوربي بصدد إنشاء نظام نقل جوي بحري بري متكامل يحتاج خدمات دقيقة، ومستمرة من نظام تحديد مواقع وملاحة لا يقل عن النظامين الروسي والأمريكي، لكنهم لا ينفون أنه قد يستخدم في أغراض عسكرية أو استخباراتية.
يقول الأوربيون إنهم لا يتحملون عدم وجود نظام خاص بهم أو بقاءهم رهن نظام تابع لدول أخرى وهناك سوق تقنية مرتبط بخدمات تحديد المواقع والملاحة فضائيا تصل بعض التقديرات عن حجم الأموال المتداولة فيها إلى 9 مليارات يورو، وتوفر نحو 0100,00 فرصة عمل في قارة تمثل البطالة فيها صداعا دائما.
لذا أجرى وزراء النقل في الاتحاد الأوربي محادثات حول بناء شركة أوربية لبناء نظامها، وفق مراحل تم تحديدها كالتالي:
مرحلة الدراسة: إجراء دراسات معمقة بلغ حجم تمويلها 80 مليون يورو.
مرحلة التطوير-1 (2001-2006): بتمويل وصل إلى 1.1 مليار يورو من الاتحاد الأوربي ووكالة الفضاء الأوربية، حيث بدأ إنشاء الشركة الأوربية التي ستقوم بتوفير المعدات - وتصنيعها أوربيا-، والكوادر الفنية والإدارية، ومزودي الخدمات… إلخ، وتنتهي بإطلاق أقمار تجريبية.
مرحلة التطوير-2 (2006-2007): بتمويل وصل إلى 2.1 مليار يورو معظمها من القطاع الخاص تنتهي بها مرحلة التجارب، وفيها يتم إرسال الجزء الأكبر من أقمار النظام إلى الفضاء.
مرحلة التشغيل (2008) واعتمد فيها مبلغ 200 مليون يورو لأعمال الصيانة السنوية الدورية لأجهزة ومعدات النظام.
This image has been resized. Click this bar to view the full image. The original image is sized 600x400 and weights 33KB.
تعقيدات سياسية متشابكة
المسألة ليست ببساطة نظام روسي وآخر أمريكي ولم لا يكون هناك آخر أوربي، وبعد شد وجذب ومفاوضات ومعاهدات بين الطرف الأوربي والأمريكي للتنسيق وربما تسبب في توتر على ضفتي الأطلسي، طفت مشاكل أخرى على السطح مثل مشاركة الصين في المشروع التي ولدت قضايا أمنية مهمة تحتاج إلى معالجة لمنع نشوب توتر جديد بين أمريكا وأوربا.
وإذ يؤكد الأوربيون أن جاليليو سيكون أكثر دقة من النموذج المدني لنظام GPS، وأكثر دقة لمواقع الأشخاص الذين يستخدمون النظام، وأنه سوف يفتح الطريق لاستعمالات جديدة كمساعدة الشرطة، وأقسام الإطفاء، وسيارات الإسعاف على تحديد أماكن الأشخاص بطريقة أفضل في حالات الطوارئ –فإنه ستكون لجاليليو أيضا تطبيقات عسكرية مهمة، ولذلك يجب أن تقلق أمريكا إذ إنه يمثل تهديدا لتفوقها العسكري المبني كثيرا على GPS.
فضلا عن أن استفادة أطراف منافسة لأمريكا مثل الصين تثير قلقا كبيرا لأمريكا، حيث سيطور النظام قدرة القوات المسلحة على تنسيق تحركات الوحدات في المعركة، رافعا بذلك كفاءتها. وسيطور أيضا دقة أنظمة توجيه الأسلحة، وبذلك تصيب القنابل، والصواريخ أهدافها بدقة أكبر وطبعا الصين ستستفيد. فجاليليو سوف يلعب أيضا دورا مهما في تسريع برنامج العصرنة والتحديث العسكري الصيني.
فبموجب اتفاقية تعاون، تعهدت الصين بالمشاركة في بحث وتطوير تكنولوجيا الفضاء، والمعدات الأرضية، وأنظمة تطبيق جاليليو. وحتى الوقت الحالي، استثمرت الحكومة الصينية نحو 240 مليون دولار في المشروع عبر شركة شاينا جاليليو إندستريز التي تديرها الدولة.
ومن نافلة القول أن مكان انطلاق القمر التجريبي الأول من قاعدة باكينور في كازاخستان بوسط آسيا، وعلى متن صاروخ روسي له مغزى كبير، ولا يحتاج الأمر إلى تعليق أو توضيح لبيان مدى تشابك المسألة على الصعيد السياسي، ويضاف لذلك أن أوربا استطاعت استقطاب جهات أخرى مثل الهند ودولا آسيوية وأفريقية في مشروعها لتمنحه صفة العالمية وليكون ورائه من يؤازره ويدفع عنه المارد الأمريكي إذا ما تربص به.
مثلما وقعت المفوضية الأوربية اتفاقيات تعاون بخصوص نظام جاليليو مع الصين فهي تبحث وتبادر لعقد اتفاقيات مماثلة مع أستراليا والمكسيك وكوريا الجنوبية وأوكرانيا. أوربا تنعتق من ظل المارد الأمريكي ولكن ببطء، ومن يدري ربما تسحب البساط من تحته، ربما كانت خطوات أوربا لبلوغ ذلك الهدف وئيدة لكنها خطوات ثابتة ومدروسة