كانت بداية اختيار علم كرمز لمصر عام 1805 علي يد الوالي محمد علي باشا أو لاكم مستقل لمصر في العهد الحديث والذي أصدر فرمانا بتخصيص علم يرمز إلي دولة مصر وبمعني اصح لسلالة محمد علي باشا التي ستحكم مصر بعد ذلك !!
كان العلم عبارة عن أرضية حمراء يتوسطها ثلاثة أهله وأمام كل هلال نجمة ترمز إلي قارة من القارات الثلاث (أوربا وأفريقيا واسيا) والتي حقق فيها جيش مصر بقيادة إبراهيم باشا نجل محمد علي انتصارات حربية.
واستمر هذا العلم مرفوعا فوق المنشآت المصرية رمزا للأسرة العلوية حتى عام 1922 ليبدأ الحديث عن علم أخر يخص مصر بالفعل وليس الأسرة العلوية.
وتم اختيار علم ذي أرضية خضراء يتوسطها هلال أبيض يحتضن ثلاث نجوم بيضاء وظل هذا العلم رمزا للملكة المصرية.
وكان اختيار ثلاثة نجوم في العلم يرمز إلي الديانات الثلاث (اليهودية والمسيحية والإسلام) التي يدين بها الشعب المصري أما الهلال الذي يحتضنها فكان يشير إلي أن دين المملكة هو الإسلام وأنه يحيط المصريين جميعا بشتي دياناتهم ولا يفرق بينهم !!
وفي عام 1954 وبعد إعلان الجمهورية المصرية قامت الثورة باستبدال العلم بأخر ذي ثلاثة ألوان هي الأحمر الأسود والأبيض كان يشبه العلم الحالي ولكن الشعار الذي يتوسطه كان نسرا عريض الكتفين يرتدي درعا أخضر في وسطه الهلال والثلاث نجوم التي كانت موجودة بالعلم الأخضر وترمز ألوان العلم إلى الثورة وزمن ما قبل الثورة وما بعدها فاللون الأحمر يرمز للثورة الاشتراكية والأبيض للعصر المتوقع بعدها والأسود للعهد الملكي قبلها!!
وفي عام 1958 وبعد الاتحاد مع سوريا تم استبدال النسر علي العلم بنجمتين خماسيتين خضراوين للإشارة إلي الإقليم الجنوبي (مصر) والشمالي (سوريا) وبعد الانفصال عاد النسر ليتوسط العلم
ثم رحل النسر مرة أخري عام 1972 بعد الاتحاد الثلاثي بين مصر وليبيا والعراق فيما عرف باسم "اتحاد الجمهوريات العربية " وحل في وسط العلم صقر قريش والذي كان قريب الشكل من النسر واستمر في موضعه حتى عام 1984 رغم أن الاتحاد بين الدول لم يستمر طوال هذه المدة.
ففي عام 1984 عاد نسر صلاح الدين ذي الأكتاف العريضة الذي كان موجودا عام 1954 ليحتل وسط العلم ويرفرف بجناحية وينظر إلي جهة اليمين حتي اليوم!!
ورغم ثبات الألوان الحمراء والبيضاء والسوداء لتشكل علم مصر إلا أن معناها قد تغير عن المراد عند اختيارها فالأحمر صار رمزا إلي لمصر الفنية الزاهية لأنه لون التوهج والأبيض يعبر عن الفطرة والقيم النقية لشعب مصر وأخيرا فالأسود يرمز إلي كل عصور الظلم التي عاشها الشعب المصرى منذ عصور الفراعنة!!
أما عن ألاماكن التي يتم وضع العلم المصري بها فهناك قانون خاص بالعلم يحدد أبعاده الرسمية وألوانه والشعار الذي يتوسطه ويشير هذا القانون إلي أن العلم رمز أساسي للدولة لا يجوز المساس به ويتم وضعه باحترام في مكان بارز بكافة المصالح الحكومية وفرق السفن المصرية المدنية وبجوار أعلام الشرطة والجيش بأفرعه وفي المحافل الرسمية وعلي السفارات والمنشات المصرية بالخارج.
ولكن العادات والتقاليد المصرية جعلت العلم يحتل أسطح المدارس الحكومية والخاصة ويعتز به بعض شركات القطاع الخاص فتضعه في أماكن بارزة بها
وبالتأكيد لا القانون ولا العادات والتقاليد كانوا وراء أخر موقع احتله العلم المصري وهو وجوه الأطفال والشباب وخدود الفتيات ولكنه كان حب مصر و"حمي" كرة القدم وتقليد الجماهير الأوربية.
العلم و الشعار
أولا العلم:
يتكون العلم المصرى حاليا من ثلاثة ألوان على شكل ثلاثة مستطيلات عرضية متساوية ... فشكل العلم المصرى هو عبارة عن مستطيل يبلغ طوله ضعف عرضه , و ينقسم لثلاثة مستطيلات عرضية متساوية
- المستطيل الأول :
هو اللون الأحمر , دليل على أن مصر تعيش أزهى عصورها , فاللون الأحمر هو لون التوهج, و هو أقوى الألوان, و أكثرها تعبيرا عن القوة و الأمل و الإشراق و التقدم...
- المستطيل الأوسط :
من اللون الأبيض وهو لون يعبر عن واقع قيمنا و عاداتنا و اسلامنا , فالأبيض هو لون اللبن الحليب الصافى النقى , و اللون الأبيض هو اللون الذى لم يندس بأى شئ , فهو لون الفطرة ... لون النظافة ... لون البساطة ... لون الطبيعة الصافية النقية التى لم تتلوث بعد ...
- المستطيل السفلى :
من اللون الأسود وهو يعبر عن عصور التخلف و القهر و الاستبداد و الاستعمار , و قد ولت بغير رجعة و أنها لتذكرة للأجيال بهذه الأيام الصعبة الى ناضل فيها الأجداد ضد الظلم و الظالمين , كما تذكر الأجيال بضرورة الدفاع عن أرضها و التصدى لمحاولة التعدى عليها , أو محاولة مس حضارتها , و سيقف متكتف الأيدى و موحد الارادة للزود عن مبادئة و قيمة و عاداته و تقاليده , ليجعل دائما عصور الظلام و القهر و الاستعمار فى خبر كان بلا رجعة ان شاء الله...
ثانيا الشعار:
فى داخل المستطيل الأبيض نجد النسر ينظر الى اليمين بلونه الذهبى الهادئ و الجميل , و النسر هو أقوى الطيور على ظهر الأرض ( نعم أقوى الطيور سواء فى الشرق او فى الغرب , وهو يوجد فى الصحراء الغربية و الشرقية , و فى سماء الأرض المصرية , و يسمى النسر المصرى , و هو من الفصائل المصرية النادرة )
و النسر موجود على العلم , بلونه الذهبى الجميل , يعبر عن قوة مصر و حضارتها منذ آلاف السنين , أما عن اتجاه النسر بالنظر إلى اليمين , فذلك لكى يرمز بأن التيمن أمر من الله عز و جل لإتخاذ اليمين دائما فى كل حياتنا , و لكى نبدأ باليمين على سبيل التفاؤل فى مفاهيم المجتمع المصرى و العربى فاليمين هو الطريق الصحيح.
يُرجع المؤرخون ظهور اول علم لمصر الى حوالي عام 320 قبل الميلاد، فقد أدى تزايد إعداد الجيوش الى ضرورة تنظيمها اثناء توحيد القطرين وهنا ظهرت الرموز او الشارات التى ترفعها كل وحدة من الجنود على سواري او أعمدة الرماح لتسهل رؤيتها خلال الاشتباك، ثم تحولت هذه الرموز الى إعلام وانتقلت من ميدان المعارك الى ميدان اخرى كالاحتفالات والأعياد وأصبح هناك علم واحد يرمز للفرعون وهو علم الدولة اثناء فترة حكمه.
وعلى ما يبدو ان اول علم واضح المعالم لمصر ظهر فى عصر الملكة حتشبسوت على شكل مروحه نصف دائرية منقوشة على احد جدران الدير البحري في البر الغربي بمدينة الأقصر، وفي عهد اخناتون كان العلم المصري عبارة عن قطعة من القماش مثلثة الألوان من لون اخضر يحيط به اللون الأحمر من جانبية.
وحينما دخل الإسلام مصر تحول العلم المصري الى اللون الأسود تمسكا بشعار الدولة العباسية، ثم تحول الى اللون الأخضر ابان حكم الفاطميين الى ان جاء صلاح الدين الأيوبي فمنع العلم الأخضر واتخذ لأول مرة علما من اللون الأصفر وهو اللون الذى استمر مصاحبا لعلم مصر في عصر المماليك حتى عاد اللون الأسود مرة آخرى بعد احياء الظاهر بيبرس للخلافة العباسية في القاهرة.
وبتحول مصر الى الخلافة العثمانية تحول العلم الى اللون الأبيض فالأخضر ثم استقر بعد ذلك على اللون الأحمر تتوسطه دائرة خضراء على شكل بيضاوي وبالدائرة ثلاثه اهلة وكان هذا العلم هو العلم السلطاني.
وفي بدايات القرن التاسع عشر تحول العلم الى اللون الأحمر ذو الهلال الواحد والنجمة السداسية من اللون الأبيض وقد استمر هذا العلم حتى عام 1826حتى ادخل عليه محمد على تعديلا بسيطا ليميز علم مصر المستقل عن علم الدولة العثمانية بأن جعل النجمة خماسية وليست سداسية.
وفي عهد الخديو اسماعيل وبالتحديد عام 1867 احتفظ العلم باللون الأحمر مع اضافة ثلاثة اهلة بداخل كل منها نجمة خماسية من اللون الأبيض اشارة الى الأقاليم التابعة للحكم وهي مصر والنوبة والسودان.
وفي عام 1882 عادت مصر الى العلم الأحمر ذو الهلال والنجمة الخماسية، وفي عام 1914 وبعد ان اعلن الحلفاء الحرب على تركيا والذى صاحب اعلان انجلترا تثبيت احتلالها لمصر وذلك بوضعها تحت الحماية ورفع مستوى حاكمها من خديو الى سلطان عادت مصر مرة آخرى الى العلم الأحمر ذو الثلاثه اهلة والنجوم وبقي هذا العلم حتى عام 1923.
على ان هناك حدثا هاما تعلق به علم مصر او تعلق الحدث بالعلم، ايا كان فقد اراد الشعب الثائر عام 1919 ان يحتفظ لنفسه ولثورته بما يعبر عنها فكان ان ظهر وقتئذ العلم الأخضر الذي يتوسطه الهلال الأبيض وبداخله الصليب كناية عن وحدة المسلمين والمسيحيين، وقد اصبح هذا العلم الأخضر هو المصدر الرئيسي لعلم مصر بعد إعلان استقلالها ففي عام 1923 بعد اعلان مصر دولة ملكية صدر القانون رقم 47 لسنة 23 وبين شكل العلم الجديد للمملكة المصرية وهو أخضر اللون يتوسطه الهلال وثلاثه نجوم خماسية بيضاء اللون، كذلك صدر الأمر الملكي رقم 90 لسنة 23 بتحديد شكل علم الملك والذي يزيد عن علم المملكة بالتاج الملكي في الركن الأيسر العلوي.
وبعد قيام ثورة 23 يوليو 1952 واعلان الجمهورية في 18 يونيو 1953 ظلت مصر محتفظة بعلمها الوطني الأخضر دون تغيير حتى عام 1958 مع وجود علم غير رسمي اطلق عليه علم التحرير وكان مكونا من ثلاثة مستطيلات طويلة متساوية بثلاثة الوان هي الأحمر ثم الأبيض فالأسود وبرغم ان هذا العلم لم يكن له وجود رسمي الا انه كان يُرفع في المناسبات الشعبية.
وفي عام 1958 بقيام الوحدة بين مصر وسوريا تحول هذا العلم الشعبي الى العلم الرسمي للجمهورية العربية المتحدة مع اضافة نجمتين خماسيتين خضراوين في المستطيل الأبيض كرمز لمصر وسوريا، وفي عام 1963 اضيفت نجمة ثالثة بدخول العراق في الإتحاد وقد احتفظت كلا من سوريا والعراق بهذا العلم كعلم وطني برغم عدم اتمام الوحدة، بينما استمر العلم ذو النجمتين في مصر الى ان تم اعلان الاتحاد السوري المصري الليبي في ديسمبر 1971 وصدر قرار رئيس اتحاد الجمهوريات العربية رقم 3 لسنة 1971 ليوضح ان العلم الجديد هو نفس العلم السابق بالوانه الثلاثة مع ابدال النجمتين الخضراوين بصقر ناشرا جناحيه مطرز بالقصب على ان يكتب "دولة الاتحاد" على القاعدة التى يرتكز عليها الصقر ويسمح لكل دولة من دول الاتحاد الثلاث بكتابة اسمها اسفل دولة الاتحاد.
وفي اكتوبر 1984 صدر القانون رقم 143 الخاص بانسحاب مصر من دولة الاتحاد وبناء عليه صدر القانون رقم 144 بعلم جمهورية مصر العربية وهو نفس العلم السابق مع وضع النسر كشعار للجمهورية بدلا من الصقر ويكتب اسم جمهورية مصر العربية بالخط الكوفي على القاعدة التى يرتكز عليها النسر.
ولرئيس الجمهورية علم خاص باعتباره القائد الاعلى للقوات المسلحة طبقا لنص الدستور وهو نفس العلم مع اضافة شعار القوات المسلحة وهو السيفان المتقاطعان اسفل شعار الجمهورية في الطرف الايسر العلوي للعلم.